تحت الأضواء


• للاستفسارات ، يرجى الاتصال بسكرتارية أفد:

هاتف:  00961-1-321800

فاكس:  00961-1-321900

البريد الإلكتروني: info@afedonline.org

كلمة دولة الرئيس عدنان بدران في إفتتاح مؤتمر أفد 2020

بيروت, 10/11/2020

الصحة والبيئة في البلدان العربية

Health and the Environment in Arab Countries

                                                                    

المنتدى العربي للتنمية والبيئة "أفد"

بيروت 2020

 

                                              أ.د. عدنان بدران

 

 

 

كالعادة في شهر نوفمبر من كل عام، نحنُ على موعدٍ مع نجيب صعب أمين عام المنتدى العربي للتنمية والبيئة لتقديم التقرير السنوي لأفد، وهذا العام بعنوان: "الصحة والبيئة في البلدان العربية".

الطبيعةُ في كوكبنا، لها اليدُ العليا في التوازن البيئي بين مكوناته، للحفاظ على نظامٍ بيئي مستدام ومتجدد.  أيُّ خللٍ يصيُبه تلجأ الطبيعةُ لمعالجته جيولوجياً أو بيولوجياً، لاستعادةِ نظمهِ البيئية والتنوعِ البيولوجي فيه.

والنظامُ البيئي للأرض بما فيها من محيطات وبحار وبحيرات وأنهار ويابسه ومكوناتُها من مخزونٍ جيولوجي وبيولوجي، يشكلُّ منظومةً واحدة مهما تجزأت الجغرافيا والديموغرافيا بحدود سياسية.  لذا، على العالم التعامل معها ككتلة بشرية واحدة، تخصُنا جميعاً، يظهر فيها الترابطُ بين البشر والحيوانات والبيئة مما يستدعي علاقةً جديدة وذكية مع الطبيعة.  ففقدانُ التنوع البيولوجي وتلوثُ الهواءِ والماء، يهددُ نظمَ الإنتاج الزراعي والغذائي الصحي.  لقد فرضَ علينا هذا الوباءُ "جائحةُ كورونا كوفيد 19" واقعاً اقتصادياً واجتماعياً صعباً، نتيجةَ بصمتِنا الشديدة على الطبيعة، التي أدت إلى تغيير جذري في انتقال وانتشار الأمراض لتتحولَ إلى وباءٍ وجائحة كونية، بسرعة مخيفة.

وهذا يفرضُ علينا التعاونَ في نهج صحي واحد متكاملٍ للحفاظ على صحة الإنسانية في نظامٍ بيئي مترابطٍ بين النبات والحيوان والانسان والحياة بُمجملها، لبناءِ قدراتٍ للتعامل مع هذه الأوبئة وتداعياتِها والحدِّ من مخاطرِها الاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا الصدد، علينا أن نتذكر تاريخَ الأوبئة التي اجتاحَتُ الإنسانية، فالطاعونُ الوباءُ البكتيري التي اجتاح الإمبراطورية الرومانية ما بين عامي 165 – 262 AC بعد الميلاد وقضى على ثلث سكان الإمبراطورية، واجتاح مرة أخرى أوروبا عام 1347 وقتل نصفَ سكانِها البالغِ آنذاك 80 مليوناً.  وها هو "فيروس كورونا 19" يصيب وفقا لمنظمة الصحة العالمية، 44 مليوناً، و252 ألف و677 حالة إصابة، ويسبب وفاة مليون و171 ألف و479 شخص في العالم حتى تاريخ 28/10/2020، ويلقى بتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.  ويسبب إغلاقاً شبهَ كاملٍ للمدن والمجمعات الإنسانية مع أن كوكبَ الأرض استفاد جزئياً من ذلك من ارتفاع جودة الهواء والماء وانخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسؤول عن 72% من ظاهرة الاحتباس الحراري وانخفاض استهلاك الفحم، والوقود الاحفوري، وانطلاقٍ غيرَ مسبوقٍ للطيور والحيوانات البرية.

العلاقةُ بين الصحة والبيئة لا تزالُ ضعيفةً في المنطقة العربية مع أنه صدرتْ الاستراتيجيةُ العربيةُ للصحةِ والبيئةِ في إطارِ عمل للفترة 2017 – 2030 في سعيهِا المتّسق لتقليص عبءِ المرض والعجز والموت المبكر الناجمِ عن المخاطر البيئية، وكذلك في تنسيقِ أنشطةِ جامعة الدول العربية ومنظمةِ الصحةِ العالمية وبرنامجِ الأمم المتحدة للبيئة لدعمِ هذه الجهود.

ومع جائحةِ فيروس الكورونا، جاء تقريرُ "أفد" السنوي الثالث عشر بعنوان "الصحةُ والبيئةُ في البلدان العربية" في فصوله السبعة يبين العلاقة بين الصحة من جهة، والمياه والهواء والنفايات وتغير المناخ وتلوث المحيطات من الجهة الأخرى، ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) "الصحةُ للجميع".

وقد أشار وزراءُ البيئةِ العرب في اجتماعِهم في البحرين في شهر أغسطس من عام 2020 الحالي بدعوةٍ من الاسكوا، أنَّ جائحةَ الكورونا ساهمت في زيادةِ انتاجِ النفايات الطبية والبلاستيكية في المنطقة العربية، وأنَّ "الجائحةَ رغم تأثيراتها الإيجابية على البيئة، لكنها مؤقتة، وتبقى التحدياتُ البيئةِ أولوية عند العودة إلى الحياة الطبيعية، ومع اعتمادِ الحكوماتِ خططا لتحفيز الاقتصاد، مما يتطلبُ وضعَ وتنفيذَ سياسةِ وخططٍ استراتيجية لإعادةِ البناءِ بشكل أفضل، وتنميةٍ اجتماعية واقتصادية أكثرَ ابتكاراً وشمولية، ومستدامة بيئياً".  ربما هذه فرصتُنا في العالم العربي لارتيادِ الاقتصادِ الأخضر، لاستعادةِ ما فقدناهُ بسببِ الجائحة حيث بلغت كلفتها على البلدان العربية بما لا يقل عن 42 مليارَ دولارٍ و 1.7 مليونَ وظيفةٍ وفق التقديرات الأولية.

 

وفي الختامِ، الشكرُ والتقديرُ للعاملين في الأمانة العامة "أفد" على جهودهم المتميزة في إصدار "التقرير السنوي" "الصحة والبيئة في البلدان العربية" وللباحثين، وللمراكز البحثية والمنظمات الدولية والجامعات المشاركة، وللجامعة الأمريكية في بيروت لاستضافتها لهذا المؤتمر.

والسلام عليكم.

 

د. عدنان بدران